سورة لقمان - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (لقمان)


        


{نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24)}
{نُمَتّعُهُمْ قَلِيلًا} تمتيعًا قليلًا أو زمانًا قليلًا فإن ما يزول بالنسبة إلى ما يدوم قليل {ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إلى عَذَابٍ غَلِيظٍ} ثقيل عليهم ثقل الأجرام الغلاظ، والمراد بالاضطرار أي الإلجاء إلزامهم ذلك العذاب الشديد الزام المضطر الذي لا يقدر على الانفكاك مما ألجىء إليه، وفي الانتصاف تفسير هذا الاضطرار ما في الحديث من أنهم لشدة ما يكابدون من النار يطلبون البرد فيرسل عليهم الزمهرير فيكون أشد عليهم من اللهب فيتمنون عود اللهب اضطرارًا فهو اختيار عن اضطرار وبأذيال هذه البلاغة تعلق الكندي حيث قال:
يرون الموت قدامًا وخلفا *** فيختارون والموت اضطرار
وقيل: المعنى نضم إلى الإحراق الضغط والتضييق فلا تغفل.


{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25)}
{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والارض لَيَقُولُنَّ الله} أي خلقهن الله تعالى، وجوز أن يكون التقدير الله خلقهن والأول أولى كما فصل في محله وقولهم ذلك لغاية وضوح الأمر بحيث اضطروا إلى الاعتراف به {قُلِ الحمد لِلَّهِ} على إلزامهم وإلجائهم إلى الاعتراف بما يوجب بطلان ما هم عليه من إشراك غيره تعالى به جل شأنه في العبادة التي لا يستحقها غير الخالق والمنعم الحقيقي.
وجوز جعل المحمود عليه جعل دلائل التوحيد بحيث لا ينكرها المكابر أيضًا {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} أن ذلك يلزمهم قيل: وفيه إيغال حسن كأنه قال سبحانه: وإن جهلهم انتهى إلى أن لا يعلموا أن الحمد لله ما موقعه في هذا المقام، وقد مر تمام الكلام في نظير الآية في العنكبوت فتذكر.


{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26)}
{للَّهِ مَا فِى السموات والارض} خلقًا وملكًا وتصرفًا ليس لأحد سواه عز وجل استقلالًا ولا شركة فلا يستحق العبادة فيهما غيره سبحانه وتعالى بوجه من الوجوه، وهذا إبطال لمعتقدهم من وجه آخر لأن المملوك لا يكون شريكًا لمالكه فكيف يستحق ما هو حقه من العبادة وغيرها {إِنَّ الله هُوَ الغنى} عن كل شيء {الحميد} المستحق للحمد وإن لم يحمده جل وعلا أحد أو المحمود بالفعل يحمده كل مخلوق بلسان الحال، وكأن الجملة جواب عما يوشك أن يخطر ببعض الأذهان السقيمة من أنه هل اختصاص ما في السماوات والأرض به عز وجل لحاجته سبحانه إليه، وهو جواب بنفي الحاجة على أبلغ وجه فقد كان يكفي في الجواب إن الله غني إلا أنه جىء بالجملة متضمنة للحصر للمبالغة وجىء بالحميد أيضًا تأكيدًا لما تفيده من نفي الحاجة بالإشارة إلى أنه تعالى منهم على من سواه سبحانه أو متصف بسائر صفات الكمال فتأمل جدًا، وقال الطيبي: إن قوله تعالى: {للَّهِ مَا فِى السموات والارض} تهاون بهم وإبداء أنه تعالى مستغن عنهم وعن حمدهم وعبادتهم ولذلك علل بقوله سبحانه: {إِنَّ الله هُوَ الغنى} أي عن حمد الحامدين {الحميد} أي المستحق للحمد وإن لم يحمدوه عز وجل.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11